مواصلة للحوار مع الباحثة الأسترالية ” ليا فارال” 5
“جمعة باى” كان قائدا عاما للمتطوعين فى أفغانستان
“خلدن” و”دورونتا” كانا معسكرين منفصلين
ـ بقلم مصطفى حامد ـ
السيدة ليا فارال
تحياتى
نعود الآن إلى أسئلتك ولنبدأ بالأسهل.
حول سؤالك إن كنت أنا (أبو الوليد المصرى) أم (أبو الوليد الأنصارى)، الذى عرف أبو مصعب الزرقاوى إلى أبو محمد المقدسى فى بيشاور عام 1993.
ـ أقول أن لا شأن لى بكل هذه القصة. وأسمى بين أصحابى هو أبو الوليد المصرى، كون أن كنية
( أبو الوليد كانت مكررة بين عدة أشخاص من جنسيات مختلفة). أما أبو الوليد الأنصارى فهو شخص آخر سمعت عنه مرات قليلة، ولكن لم نتقابل أونتعارف أبدا. وهذا هو الحال مع أبو محمد المقدسى أيضا إذا لم يحدث أن تعرفت إليه رغم أنى سمعت عنه مرارا.
تسألين عما كتبه “سيف العدل” عن أبو مصعب الزرقاوى. وأن الذى موله هو أخ من الحجاز وليس بن لادن أو القاعدة. وأن أفرادا من القاعدة ساعدوه فى إنشاء مخيمه.
ـ هذه أيضا قصة لاعلم لى بها. ورغم أن علاقتى بالزرقاوى كانت طيبة جدا إلا أنها لم تكن عميقة.
بمعنى أنه لم يكن بيننا إهتمام أو عمل مشترك. وفى أواخر الحرب الأولى وقبل سقوط النظام الشيوعى كان الزرقاوى واحدا من مجموعة صديقى أبو الحارث الأردنى. وكان الزرقاوى ذو شخصية هادئة ومحبوبة من الجميع. رأيته فى تلك الفترة مرات عديدة حيث كنت منغمسا فى العمل فى نفس المنطقة إلى الشرق من مواقع أبو الحارث. وعندما عاد الزرقاوى إلى أفغانستان بعد الإفراج عنه فى الأردن، كانت أفغانستان قد أصبحت وقتها “إمارة إسلامية”، وزارنى فى بيتى فى كابل مع مجموعة من الأصدقاء القدماء. ولكن لم أتابع بعد ذلك نشاطه فى أفغانستان. ثم قابلته بعد ذلك مرة أخيرة فى هيرات وعلمت أن له مضافة هناك يشغلها عدد من شباب الأردن. ولكننى كنت دوما حريصا على عدم السؤال عن أعمال الآخرين خاصة الذين كانوا يعملون بعيدا عن التيار العام للعرب.
تسألين عن شخصين هما “عطية الله” وتظنين أنه سعودى. وعن آخر يدعى ” عطية الرحمن” وتظنين أنه عسكرى ليبى. ثم تسألين إن كانا شخص واحد أم لا.
ـ فى الحقيقة أننى لم أسمع قبلا عن هذين الشخصين وبالتالى لايمكننى تأكيد أو نفى أى شئ يتعلق بهما.
والآن أنتقل إلى الإجابة عن أشياء أعلمها:
فى عام 2001 وضع الملا عمر كل المتطوعين الأجانب تحت قيادة الحركة الإسلامية الأوزبكية وتولى ذلك “جمعة باى” قائدها العسكرى. وظل الأمر كذلك حتى نهاية الحرب التى أستشهد “جمعة باى” فى بداياتها.
حدث ذلك فى شمال أفغانستان وكان تحت إمرته عدد كبير لكن غير معلوم بالتحديد من المتطوعين العرب.
حيث أن معظم العرب الذين توافدوا إلى أفغانستان بعد أحداث 11سبتمبر توجهوا مباشرة إلى شمال أفغانستان عبر قادة طالبان فى كابول. ولم ينضم أيا منهم إلى القاعدة وحتى لم يشاهدوا بن لادن الذى كان وقتها يجهز نفسه ومن حوله من أفراد القاعدة لمعركة فى جبال “تورا بورا” فى جلال آباد، رغم إعتراض معظم القيادات الكبيرة من العرب والأفغان على فكرة المعركة من أساسها.
فقد العرب معظم شهدائهم فى تلك الحرب فى الشمال إذ إستسلموا /بعد مفاوضات شاقة وضمانات مغلظة/ لقوات الشمال والقائد الأوزبكى دوستم. الذى غدر بالأسرى العرب والأفغان وقتل معظمهم فى عدة مجازر. واحدة داخل الحاويات الحديدية. وثانية فى قلعة بانجى الشهيرة التى شارك فيها الطيران الأمريكى وجنود من القوات الخاصة الأمريكية. وثالثة فى صحراء “سمنجان” على يد قوات أمريكية برفقة ميليشيات دوستم الذين دفنوا الضحايا فى مقابر جماعية سرية. وهكذا قتل فى تلك المجازر فقط ما بين عشرة آلاف إلى ثلاث عشر ألفا من العرب وطالبان، أى مايقرب من أربعة أضعاف من قتلوا فى بنايات 11 سبتمبر.
نعود إلى قرار الملا عمر بتعيين “جمعة باى” قائدا عاما للمتطوعين الأجانب ونقول أنه أعتبر لطمة قاسية للقاعدة إستقبلها العديد من قادتها بالإمتعاض الشديد، بعكس بن لادن الذى إستقبلها بروح رياضية. فأمر بوضع كل أمكانات القاعدة فى خط كابل الدفاعى تحت تصرف القائد الجديد. ورفض مقترحا من كوادره الغاضبة بسحب معدات القاعدة من الخط الدفاعى كإجراء إنتقامى. “جمعة باى” رد هو الآخر بمبادرة ذكية بأن جعل قائد القاعدة فى الخط الأول نائبا له. وكان شابا عراقيا ممتازا . بادر هو الآخر بإرسال خمسة من كوادر القاعدة إلى شمال افغانستان لمساعدة “جمعة باى” فى تنظيم العرب الجدد . على كل حال قتل الجميع هناك.
ربما من المفيد الإشارة هنا إلى أن القتال دفاعا عن قندهار خاضته القاعدة تحت قيادة من صفوفها (و كان سيف العدل هو من يقود هناك بعد إستشهاد أبوحفص المصرى قبل بدء معركة قندهار). وقد إستشهد مئة عربى فى تلك المعركة. وعلى الأغلب لم يتواجد فى قندهار أى قوة متطوعين لها وزن غير العرب. قوة الدفاع الرئيسية كانت من طالبان بطبيعة الحال. لذا لم يخوضوا حربا مستميتة حفاظا على أرواح المدنيين فانسحبوا من المدينة لإعادة ترتيب صفوفهم من جديد. وكانت رغبة العرب هى معركة إلى النفس الأخير ولكن لم يتمكنوا من ذلك بسبب طالبان الذين إتخذوا القرار الصائب. ولم يكن من الممكن عمليا أن يتولى الأوزبك قيادة معركة قندهار فقد كانوا جميعا قد غادروا المدينة منذ فترة.
نعود إلى الرأى القائل بأن كل المتطوعين العرب كانوا تحت قيادة بن لادن، والذى قاله السيد/ وحيد مجهدى (وربما كان الإسم مجددى وهى عائلة دينية شهيرة فى أفغانستان). فربما كتب “مجهدى” ذلك إستجلابا لنقمة الغرب على هؤلاء العرب بإعتبارهم /جميعا/ أعضاء فى ” تنظيم إرهابى دولى” . وهى نظرة إستئصالية إنطلقت من عندكم فى الغرب مع بداية حربكم على “الإرهاب الإسلامى”. وهى إندفاعة صليبية فقدت الآن الكثير من طاقتها الدافعة.
أظن أن السيد “مجهدى” لايعلم ما حدث بالدقة أو أنه يعبر عن وجهة نظر ثأرية بشكل ما.
عندك سؤال عن شخصين هما أبو زبيدة (أردنى/ فلسطينى) ، وإبن الشيخ (ليبى)، وهل هما من القاعدة.
وعن معسكرين هما ( خلدن) و(دورونتا)، وهل هما معسكرين مستقلين.
طبعا أعرف (إبن الشيخ) و (أبو زبيدة) وإعتبرهما من أصدقائى رغم أننا لم نكد نعمل فى شئ مشترك.
كلاهما وحتى ماقبل أحداث سبتمبر لم يكن فى القاعدة. ولا أدرى ماذا كان موقفهما بعد الحادث. لأن العديد من المحايدين أو حتى المعارضين لإبن لادن ذهبوا وأدوا له البيعة، مدفوعين بروح الحماس لنجاح عملية سبتمبر.
أعرف جانبا من قصة معسكر (خلدن) وزرته بالفعل مرة أو مرتين. ولم يكن تابعا للقاعدة. بل كان بشكل ما منافسا لها.
والذى أسس المعسكر هو مكتب الخدمات الذى أنشأه عبد الله عزام. وكانت إدارة المكتب بعد وفاة المؤسس منافسا حقيقيا لإبن لادن والقاعدة، وأكثر إرتباطا “بعبد الرسول سياف” بينما كان “بن لادن” أقرب إلى “حكمتيار” فمن عنده إستأجر الأرض التى أقام عليها سلسلة معسكراته فى خوست ( جهاد وال ـ الصديق ـ الفاروق).
لا أعلم كثيرا عن معسكر “درونتا”. ولكن معلومة سمعتها وأظنها مؤكدة تقول أن مهندس الكيمياء المصرى “أبو خباب” كان عماد ذلك المعسكر وكان يدرس هناك كيمياء تحضير المتفجرات.
هذا ولم أزر ذلك المعسكر ولا علم لى بموقعه على وجه الدقة. وهو يقع عموما شمال غرب جلال آباد على جانب الطريق الذى يصلها بالعاصمة كابول. وعلى الرغم من ذلك يقول بعض التقارير لديكم أننى كنت أعمل مدربا لمادة المتفجرات فى ذلك المعسكر . وذلك بالقطع غير صحيح فلم أكن يوما مدربا للمتفجرات أو غيرها. فأنا لست من المدربين، وكل ما قدمته أحيانا كان محاضرات فى حرب العصابات . وكانت قليلة على أى حال.
ومرة واحدة أدرت معسكرا وهو الفاروق فى خوست. فى تجربة أعتبرها الأروع فى عمليات التدريب العربى فى أفغانستان. خاصة عندما ضمت دورة واحدة، متدربين من طاجيكستان وأوزبكستان والشيشان. فكانت الروح المعنوية فى القمة. ليس بين المدربين والمتدربين من عرب وأفغان، بل أيضا بين جمهور الشعب فى خوست، الذى شعر أن مدينته (وهى المدية الرئيسية الوحيدة التى حررتها حملة عسكرية رائعة شنها المجاهدون بقيادة حقانى)، شعر الناس فى المدينة أنهم يسجلون مجدا جديدا كون مسلمى ما وراء النهر والقوقاز جاءوا للتدريب فيها على أيدى من ساهموا فى تحرير المدينة من أفغان وعرب .
أما العلاقة بين المعسكرين “خلدن” و “درونتا” فلا أعلمها على وجه الدقة. وإن كان العاملين فى معسكر “خلدن” قد رحلوا منه وإستوطنوا فى معسكر “درونتا” كون القوات الباكستانية تقدمت على الأرض الأفغانية واحتلت بعض المواقع المشرفة على المعسكر وهددت من فيه. بينما إشتبكت قوات من طالبان مع الباكستانيين لفترة ، حتى توسطت القبائل فى الموضوع . والنتيجة أن العرب رحلوا من “خلدن” حتى لايتورطوا فى مثل تلك المشاكل. فربما لأجل ذلك يقولون أن المعسكرين كانا معسكرا واحدا. وأظن أن ذلك القول غير دقيق.
وعلى وجه العموم كنا نعتبر أن معسكر خلدن قد تحول إلى معسكر خاص لتدريب الجماعة الإسلامية المقاتلة فى الجزائر. وإن كان قد درب أيضا الجماعة الإسلامية فى تركستان الشرقية (الصين الشعبية). وقد تميز المعسكر بتدريس منهج فقهى سلفى كان الأكثر تشددا بين كل العرب. وكان معسكر درونتا يشاطره نفس المنهج الفقهى . و ربمالأجل ذلك أيضا إعتبرهما البعض شيئا واحدا. خاصة وأن “أبو خباب المصرى” كان قد أعطى دورات تدريبية فى “خلدن” قبل أن يتحول إلى “درونتا”.
هذا وإلى لقاء قادم حول حكتيار، وحقانى ، والحديث عن معتدلين فى حركة طالبان،
وفرص تشكيل حكومة متعددة الأطراف بعد الجلاء الأمريكى
بقلم: مصطفي حامد ابو الوليد المصري
المصدر: موقع مافا السياسي