فتح مدينة خوست فى إبريل 1991 كان الحدث الأبرز فى الحرب الأفغانية كلها ، والأوحد من نوعة فى تلك الحرب . يمثل قمة تطور العمل العسكرى للمجاهدين الافغان متطورين من حرب العصابات وصولا حرب شبه تقليدية قادرة على فتح المدن المحصنة ، إلى تأثيره فى الوضع الداخلى كان حاسماً من ناحية أنه قضى نهائيا على فكرة الحكومة المشتركة التى ترضى عنها القوتين الأعظم . بذلك الفتح خرج السوفييت تماماً من المعادلة الأفغانية ، وسقط التوازن العسكرى القائم على أن التعادل الشكلى بين المجاهدين الذين يسيطرون على الريف ولايمكنهم إقتحام المدن التى تسيطر عليها القوات الحكومية ( كما إتضح من معركة جلال آباد لعام 1989).
إفتقر المجاهدون إلى الأسلحة الثقيله بكميات كافية ، مع عجز عن توفير ذخائرها ، وغياب منظومة معقولة للدفاع الجوى . فى مقابلهم وقف الجيش الحكومى مسيطراً على المدن الرئيسية معتمدا على سلاح جو حكومى مدعوم بطيران سوفيتى يشارك فى المعارك وقت الحاجة ، إضافة إلى سلاح صاروخى عماده صواريخ سكود التى يدير بطارياتها خبراء سوفييت حول كابل ، رغما عن إنسحاب القوات السوفيتية فى العام السابق . أى أن السوفييت لم يكونوا غائبين عن معركة خوست ، فسلاحهم الجوى المزود بأحدث اجيال الطائرات شارك بشدة فى تلك المعركة ، ثم شارك فى معركة جرديز التى تلتها بعد عدة أشهر .
كان رئيس الدولة (نجيب الله) قد تحدى المجاهدين قائلاً أنه سوف يتخلى لهم عن كابل إن هم تمكنوا من الإستيلاء على خوست . ولما كانت جيمع جبهات القتال فى أفغانستان متوقفه تقريباً عن القتال ، فيما عدا مناوشات هنا وهناك ، وذلك من تأثير التحكم الخارجى فى كميات السلاح والذخيرة وأنواعها بما يتحكم فى وتيرة المعارك ونوعها ، وأيضاً بسبب وقوع قادة الأحزاب “الجهادية!!” فى بيشاور الباكستانية فى أيدى القوى الخارجية التى لا ترغب فى إنتصار للمجاهدين الأفغان .
وكانت الولايات المتحدة قد حققت غايتها فى هزيمة السوفييت وإخراجهم فى أفغانستان . من هنا كانت معركة خوست تدور خارج السيناريو المحدد للحرب وقتها . لذا بذلت جميع القوى الخارجية والمتعاونين معها كل الجهود لإفشالها . لكن النتائج على أرض المعركة مختلفة عما يريدون ، فقد تمكن المجاهدون من إقتحام المدينة ، وحلوا مشكلة العجز فى الذخائر والأسلحة ببساطة بالغة كما كانوا يفعلون أيام الجهاد الأول قبل أن تدويل قضيتهم . لقد أخذوا إحتياجاتهم غنيمة من أيدي عدوهم ، ومعنويات الجهاد عادت إلى سيرتها الأولى .
تجلت المعنويات الإيمانية فى أبهى صورها وعلى نطاق واسع بعد غياب طويل طمست فيه المادة أعين الكثيرين . لقد بكى المجاهدون عندما وقعت فى أيديهم كميات ضخمة من السلاح والذخيرة بعد أن فقدوا الأمل فى الحصول على شئ من الخارج حتى بالشراء.
فتبرعوا بما كسبوا من عنائم وقدموها فورا إلى المعركة . بعدها تساقطت عليهم ذخائر الدبابات من السماء كى يستخدموها مباشرة ضد العدو . وعندما فتحوا المدينة وجدوا عنائم أعظم مما تخيلوه أو تبرعوا به .
وفى نهاية العام نفسه سقط الإتحاد السوفتى وأزيل العلم الأحمر من فوق الكرملين .. تلك هى خوست العظيمة.
( تاريخ النشر على الإنترنت 24 ــ 12 ــ 2007 )
تحميل كتاب :
فتح خوست … إضغط هنا
https://goo.gl/fajzCb
بقلم :
مصطفي حامد/ ابوالوليد المصري
المصدر :
www.mafa.world